كتبته: مريم المعمرية،
دائما ما يقال أن وجودهم بركة، ولقصصهم وحكاياتهم دروس وعبر، ولدعائهم وشكرهم منزلة يظفر بالفوز من ينال بها،، ولكن لم تكن كل هذه المقولات مجرد كلمات تعبأ بها السطور بل هي واقع وحقيقة تغمر كل مكان وزاوية يحلون فيها.
“المسنين” كلمة يجدها الكثيرون ضمن نطاق العزلة والوحدة ويعبرعنها بمن طالتهم يد الزمن وتغيراته تاركة لهم الكثير من التغيرات النفسية والجسدية بعد رحلة الشقاء وفناء العمر، لنجد البعض منهم اتخذوا دار الرعاية الاجتماعية مأوى لهم ليقضوا تحت سقفه أيامهم وباقي سنين عمرهم، فبين جدران الدار صاغ القدر لهم يومهم، وعلى أسرتهم أغمضت عيونهم بهمسات دعواتهم راجية الرحمة من رب لم ينساهم، وبين غرفها وممراتها كانت ولا زالت ضحكاتهم وحكاياتهم تسمع صداها لتشعرهم بوجودهم، قبلة على رؤسهم الطاهرة ومصافحة لأياديهم التي أتعبها الشيب وسنوات الماضي هما الهدية التي أنست المتطوعون عناء الطريق اليهم.
أمس الخميس الموافق 25 أغسطس 2011م اتجهت مجموعة من متطوعي الشبكة العمانية للمتطوعين “تعاون” التابعة لسبلة لسبلة عمان إلى دار الرعاية الاجتماعية بولاية الرستاق ليقضوا لحظات لا تنسى مع المسنين في الدار حيث كان الهدف من الزيارة هو خلق روح التواصل بين المتطوعين وفئة المسنين ورغبة في زيادة الوعي والاهتمام بهذه الفئة من المجتمع، حيث كان في استقبال المتطوعين الأستاذ حمد بن هاشل السعيدي رئيس قسم دائرة الرعاية الاجتماعية وبعض المتطوعين بالدار.
بدأت الزيارة بتناول الفطور مع المسؤولين والمسنين والتعرف عليهم عن قرب، بعدها تم أخذ جولة حول مرافق الدار الذي يضم 14 حالة من المسنين الرجال و4 حالات من النساء وتم التعرف على مرافق الدار والوحدات التي يتضمنها في خدمة المسنين والبرنامج الذي يضمن لهم الراحة والاهتمام المناسب، بعد ذلك أخذ المتطوعون ليبرزوا دورهم وهدفهم من الزيارة حيث قاموا بزيارة المسنين في كل الوحدات التي من خلالها رأى المسنين الفرحة وغبطتهم السعادة ورأوا لأنفسهم مجالا ليعبروا ما بداخلهم فكانت كلمات الشكر وصوت الدعاء هو من طغى على ألسنتهم، وما بين من رسم ابتسامته ليريحنا بوجوده وبين من بدأ بسرد حكاياته وقصصه لينفس بها بعد أن كتمها لفترة من سنوات عمره فقد تمكن المتطوعون من كسر حاجز الصمت لبعضهم ففتحوا قلوبهم لهم، ووجدوا فرصة للمحبة والاهتمام للبعض الآخر فبنوا بينهم شعور الود والتراحم والتواصل.
كما أوضح الدكتور سعيد بن حمد الحرملي مدير دائرة التنمية الاجتماعية بولاية الرستاق بأنهم بصدد إنشاء مركز جديد ومتطور لدار الرعاية الاجتماعية ووجه كلمة من خلال تعاون قال فيها “بأننا لسنا دار مسنين ولكن دار رعاية في المقام الأول يتوجب علينا الاهتمام بصحة ونفسية جميع الموجودين بدار الرعاية وخلق الألفة والمحبة بينهم، وأشاد بدور الشباب البارز والمهم في هذا المجال وأن يكونوا على قدر من المسؤولية للاهتمام بهذه الفئة التي وجب على الجميع المبادرة والمساهمة في إعطائهم الاهتمام”.
و بعد ذلك تم تناول وجبة العشاء مع كافة المسؤولين الذين رأينا بهم الهمة والعزيمة لخدمة المسنين ورعايتهم وتم شكر طاقم المنظمين للفعالية سواء من متطوعي الشبكة أو من المسؤولين بدار الرعاية الاجتماعية.
وأخيرا الشيخوخة مرحلة من مراحل العمر، وحلقة من حلقات التاريخ وجزء لا يتجزأ من وجوده في كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية، فسنة الله في خلقه، أن يأتي الجيل بعد الجيل؛ على امتداد عمرالبشرية المديد، ولكن ليس من الوفاء للأجيال السابقة من المسنين، أن يهملوا أو يتركوا فريسة للضعف والحاجة في آخر حياتهم، بعد أن قدموا ما بوسعهم ومن هنا رسالة نوجهها للشباب من تعاون الخير أن هؤلاء المسنين هم من أسسوا وبنوا فلنكن نحن من يبني لهم حلقات الوصل والألفة والحنان والعطف فحقنا عليهم كبير وإن كان هناك من يستصغره، فلنكن نحن أمة لبدء الخير والإحسان لمن هم أهل لإاحسان وتذكروا قول الله ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً).
مشروع الشبكة العمانية للمتطوعين تعاون أحد المشاريع المدعومة من سبلة عمان والمتمخضة من جنبات السبلة تواصل إنهاء مشاريعها الخيرية الرمضانية فزيارة المسنين بدار رعاية الرستاق كانت إحدى المحطات المهمة من مشاريع الشبكة حيث أنهت الشبكة في الأسبوع المنصرم بعض مشاريعها كزيارة مرضى مستشفى خولة كذلك تمت زيارة جمعية المعاقين وتنظيم المسابقات لهم مازالت في جعبة الشبكة الكثير من المشاريع يؤمل أن يعلن عنها قريبا.