أيام رمضان تختلف في قلوب متطوعي “تعاون”


كتبت: مريم المعمري

لا شيء يطلق العظمة الكامنة بداخلنا مثل الرغبة في مساعدة الآخرين وخدمتهم، ولا شيء يمنحنا الإصرار في تقديم يد العون سوى الشعور بالآخرين والإحساس بوجودهم، والاهتمام بتجسيد معنى الخير ومفهومه يعني الإصرار للتغيير وتقديم الأفضل دائمًا.

هكذا هي “تعاون” رأت أن أساسها الإنساني وعمودها في خدمة المجتمع بكافة طبقاته وصوره المختلفة يجب أن يمثل على أرض الواقع، فنظرتها وتطلعها لسماء الرحمة والعطاء في شهر العطاء جاء هذه المرة مع دورة “المتطوعون في رمضان” التي أقامتها الشبكة اليوم الإثنين الموافق 18 يوليو2011م بمبنى عمان تل الساعة السابعة مساءً.

تطلُّع للوصول إلى سماء النجاح، ورغبة في أن ترك بصمة في ساحة الخير، وشوق بتلهف بأن يقضوا ليالي رمضان المبارك في العمل الإنساني، هذا كله ارتسم على وجوه جميع المتطوعين والمتطوعات الذين بلغ عددهم ما يقارب 100 شخص، ليؤكدوا بأنهم شباب قادرعلى المساهمة والعمل والتغيير.

 

أقام الورشة الأستاذ المتميز بأسلوبه وطرحه هشام عبدالسلام خبير الشؤون الكشفية ومستشار الشبكة الذي رحب بالجميع وأبدى سعادته بتواجد المتطوعين وهو يرى في عيونهم أملًا واستعدادًا لخدمة الآخرين وأنفسهم قبل ذلك، وما ميّز الورشة هذه المرة هو استجابة المتطوعين من خارج محافظة مسقط لحضور الورشة حيث شرّف طاولات تعاون اليوم وجود عدد من الشباب المتطوعين من محافظة البريمي، فلم تحدهم بُعد المسافة ومشقة الطريق عن تقديم الخير وليعلنوا بأن الشباب العماني مستعد لخدمة وطنه وأفراده مهما كلفهم الأمر، ولن ننسى حضور من أثلجوا صدورنا بتواجدهم وعبروا بأن الإعاقة ليست حاجزا عن الإبداع والمشاركة في حضور عدد من ذوي الإعاقة الجسدية والسمعية، أضفى طابعًا مختلفًا وبصمة لن تمحى من ذاكرة “تعاون”، فكل التحية لهم ولعمان الحق بأن تفتخر بهم.

 

بدأت الورشة بكلمة ترحيب من الأستاذ خالد البلوشي نائب المنسق العام للشبكة، رحّب فيها بالمتطوعين وما سوف يتم بالورشة ثم بدأ الأستاذ هشام عبدالسلام بتعريف فضائل شهر رمضان والأعمال الخيرية التي تقدم ويتسابق إليها الصغير قبل الكبير ليستغلوا أيام هذا الشهر الفضيل في العبادات والطاعات، وأكد الأستاذ هشام أنه يجب على كافة أفراد المجتمع أن يبادروا إلى أبواب الخير وناشد المتطوعين بأن يسعوا إلى تقديم العمل الخيري والاجتماعي الذي سوف يبرز قيم التكافل والتضامن ويسد الفجوة التي قد تكون بين الفقير والغني ويعين الآخرين على قضاء حوائجهم.

 

بعدها أكد أن هناك باب آخر للتطوع في رمضان بجانب التطوع في العبادات ألا وهو التطوع بالعمل الصالح وهو كل مايقدمه الفرد من تطوع في عمل الخير من صدقات وأعمال صالحة لخدمة الآخرين، كما أشار إلى أسباب توجهنا إلى هذا المجال منها هو الشعور بالسعادة الناجمة عن فعل الخير ورد الجميل للوطن الذي منحنا فرص النمو والتقدم، كما أوضح أيضا مفهوم التطوع في القرآن الكريم والسنة النبوية وطرح بعض الأفكار للمشاريع الخيرية التي يمكن للمتطوع تقديمها خلال أيام الشهر الفضيل.

 

كما هي دائما “تعاون” تستحث بين فترة وأخرى همم المتطوعين في مجال العمل الخيري لينفذوا أفضل ما لديهم من أفكار ومشروعات ولتكون لديهم الفرصة الحقيقة ليختبروا صدق عطائهم وحسن تنظيمهم وإدارتهم، فقد بدأت ورشة “المتطوعون في رمضان” حيث قسم جميع المتطوعين إلى 11 مجموعة، كل مجموعة تضم ما يقارب ثمانية أشخاص ليبدأوا عملية استخلاص ما يتمنون تقديمه ولينزفوا إبداع أفكارهم على طاولات تعاون التطوعية.

 

ومن ثم تم كتابة كل الأفكار والمشاريع والخطط التي اقترحها المتطوعون في كافة المجالات التي يمكنها المساهمة بخدمة الفرد والمجتمع والتي بلغت 25 مشروعا جديدا ابتكرتها عقول المتطوعين المتطلعين لقضاء أفضل أيام الشهر المبارك مع العمل التطوعي، بعدها قام الأستاذ هشام بالحوار والمناقشة مع المتطوعين لاختيار أفضل 11 مشروع، ليوزع كلّ مشروع أو فكرة لكل مجموعة وبالفعل فقد تم التركيز على أفضل وأكبر المشاريع المتميزة التي يمكن للمتطوعين تقديمها بأنفسهم خلال شهر رمضان والتي جاءت كالآتي:

1. زيارة المصابين بالمستشفيات

2. زيارة المعاقين بأماكن تواجدهم

3. توزيع ملابس العيد والعودة للمدارس

4. تنظيم أنشطة خاصة للمسنين

5. تجميع وتوزيع المؤن الغذائية

6. السوق الخيري

7. إصلاح المصاحف

8. حملة ضد التدخين في رمضان

9. حملات العمرة لغير المقتدرين

10. صندوق تبرعات وكفالة اليتيم والأسر الفقيرة

11. عمل لوحات إرشادية وإفطار صائم

وبعد ذلك تم توزيع كل مشروع من المشاريع على كل مجموعة لتقوم بعمل توصيف كامل للمشروع ليتضمن اسم المشروع ومدته ومكان تنفيذه والأهداف من إقامته والبرامج التي سوف يحتويها المشروع والميزانية الكاملة له.

 

هنا تميز المتطوعون بخبراتهم وأفكارهم البناءة في طرح المشاريع ومن ثم قامت كل مجموعة بوصف وشرح مفصل وكامل للمشروع ليعلنوا بأنهم هم أهل للتطوع ومسيرته، وبعدها قامت كل مجموعة بتبني المشروع الخاص بها ومباشرة العمل فيه من تلك اللحظة.

 

وأشار الفاضل فتحي العبري رئيس لجنة التدريب والمسؤول عن إدارة الورشة بأن المتطوعين كانوا متميزين بأفكارهم ومشاريعهم الجديدة والمختلفة وهذا إن دل فإنما يدل على أن تعاون قد أكسبتهم الثقة ليبادروا وليتطوعوا طمعا في حب الخير والمساعدة، كما أشار أيضا أنه ولأول مرة بالسلطنة وعلى مستوى الدورات والورش التدريبية يشارك أفراد من فئة الصم والبكم في مثل هذه الدورات ويقومون بشرح مشروعهم بأنفسهم فحق لنا بأن ننحني إجلالا واحتراما لهم ولعطائهم وتواجدهم الذي أشعرنا بالغبطة والفرح.

 

وبنهاية الورشة لم نرى سوى ابتسامة فرح بالإنجاز وحماس للعطاء والبذل وحب للخير وانتماء للوطن على وجوه المتطوعين الحاضرين الذين أشادوا بالدورة ودورها الكبير في كسبهم الثقة بالنفس وبأنهم أمام مسؤولية ليست بالسهلة في تقديم أحسن ما لديهم بصور مختلفة.

 

وبعدها ختم الأستاذ خالد البلوشي بكلمة شكر لكافة المتطوعين ووعدهم بأن تعاون معهم قلبا وقالبا في سبيل تحقيق طموحاتهم وغاياتهم التطوعية، ومن ثم تم عقد اجتماع بسيط للجنة الرئيسية للشبكة ناقش فيه الأستاذ خالد البلوشي أدوار الأفراد وما تتطلع إليه تعاون بالفترة القادمة ثم أضاف عليه الأستاذ يحيى البلوشي المنسق العام للشبكة بالمشاريع المرتقبة في الفترة القادمة لتعاون وبعض الإضافات الجديدة في اللجنة.

 

لم تبقى إلّا أيام قليلة ونستقبل معا شهر رمضان المبارك بقلوب ملؤها حب الخير والعمل من أجل الآخرين، ولكن تعاون بطبيعتها قد سبقت الكل في استقباله وفرشت له مشاريع الخير لتكون مفاتيح يفتتح بها المتطوعين أيام الشهر المبارك وجهزت له حلة مختلفة ومتميزة من أفكار متطوعيها وإبداعاتهم.

 

“تعاون” الصدى الذي من خلاله سوف يوصل المتطوعين صوت عطائهم ونجاحهم ويضيفون له طعما يختلف عن غيرهم في شهر رمضان، فبهذا اليوم قد سجلت تعاون بمتطوعيها سجلا حافلا بالرقي أساسه الخير والتميز وخدمة المتطوع أولا، وهاهي  تكمل عطائاتها وتسجل في صفحاتاها مناشط فريدة ومتميزة بطرحها وفكرتها.